اختار لغتك change

English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified
BY : nimo

الشات

الحكاية بدأت من 60 سنة .. الشعب أولا ثم الدستور ثانيا!



بعد منتصف الليل وتحديداً فى تمام الساعة الواحدة صباحاً من يوم 10 ديسمبر 1952 كان المواطنون على موعد مع خطاب مهم للواء محمد نجيب..
كتب: محمد شعبان

وفى الموعد المحدد قال نجيب "أصبح لزاماً علينا أن نغير الأوضاع التى كادت تودى بالبلاد والتى كان يسندها ذلك الدستور الملىء بالثغرات" .. لم يكن هذا القرار عجيباً وإنما كان متوافقاً مع روح العصر التى تغلغلت فى جسد مصر بعد ثورة يوليو ولكن الأهم من ذلك هو كيف تصرفت القوى السياسية فى تلك الفترة وكيف كان موقف ثوار يوليو .
نقول هذا الكلام فى محاولة لاستدعاء التجربة والخبرة التاريخية من أجل أن نعرف .. فكما نرى مصر الآن فى حالة تشتت .. والقوى السياسية بدلا من أن تتفرغ لوضع رؤية مستقبلية للوطن فقد أنهكت نفسها فى معركة الدستور أولا أم الانتخابات .. أى العربة أولا أم الحصان .. أو البيضة أولا أم الفرخة ! تعالوا نرى كيف تمت إدارة معركة صياغة الدستور بعد ثورة يوليو ومن الذى تولى وضع الدستور الجديد للبلاد وهل رجع الشعب فى كلمته مثلما تريد القوى السياسية والأحزاب المجهولة الآن وكيف كانت تكتب الصحف عن ذلك؟ وهل دارت معركة الانتخابات أولا أم الدستور؟
فى ذلك الزمان كانت الكلمة واحدة وكانت القيادة رصينة وغير مترددة.. ولم يكن يشغلهم الانتخابات أولا أم الدستور أولا وإنما كان يشغلهم أولا وأخيرا هو ماهية هذا الدستور فبعد إعلان إلغاء دستور 1923 أعلن مجلس قيادة الثورة أن هناك فترة انتقالية مدتها 3 سنوات وخلالها يلتزم الثوار والشعب بتحقيق ثلاث أهداف رئيسية أولها الجلاء وثانيها إقرار العدالة الاجتماعية والاصلاح الزراعى وثالثها وضع دستور جديد للبلاد وفعلا فلم تكد تمر تلك الأعوام الثلاثة حتى تحققت تلك الوعود وفى تلك الفترة لم نسمع عن مطالب فئوية ولا اعتصامات من أجل كاميليا وأخواتها كما غابت المصلحة الشخصية..
فى تلك الأثناء أيضا لم يكن هناك فلول ولا قطع رؤوس بالمعنى الشائع الآن فرغم قرار الثورة بمحاكمة رموز النظام الملكى والتى حددت نحو 39 شخصية ممن أساءوا للبلاد فإنها وهذا هو المدهش قررت أن تستعين بعدد كبير من "فلول" العهد الملكى من ذوى الخبرة والكفاءة فى صياغة دستور جديد للبلاد فقد كان المجتمع فى ذلك الزمان فى حاجة ماسة وملحة لعقول أبناءه وساسته وعلماءه ولم يمكن قربهم من الملك المخلوع جريمة تستحق العقاب بعد سقوط الملكية ولهذا تشكلت فى 13 يناير 1953 لجنة لوضع دستور جديد لمصر ما بعد ثورة يوليو بحيث يتفق وأهداف الثورة وكان عدد أعضاء هذه اللجنة نحو 50 عضوا ضمت ثلاثة من أعضاء لجنة دستور 23 وهم على ماهر ومحمد على علوبة وعلى المنزلاوى والغريب أن رئيس اللجنة كان على ماهر شخصيا رئيس الديوان الملكى فى فترة من الفترات وخادم الملك المطيع! وضمت اللجنة أيضا اربعة وفديين واثنين سعديين واثنين من الأحرار الدستوريين وإثنين من حزب الكتلة ورئيس محكمة النقض ورئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة العليا الشرعية وثلاثة من رجال الجيش والبوليس .. بهذه التوليفة العجيبة تم تمثيل جميع الأطياف السياسية فى وضع الدستور الجديد وهكذا كان مقدرا لرموز النظام السابق أو الفلول أن يضعوا الخطوط العريضة لنظام الحكم فى النظام الجديد بالبلاد كما كان مقدرا أيضا ان تكون مصلحة البلاد حيث تأخر تطبيق الدستور الجديد نحو ثلاث سنوات بعد ان استقرت البلاد ..


وبعد تشكيل اللجنة بأربعة أيام صدر قرار مجلس قيادة الثورة بحل الأحزاب السياسية ومصادرة أموالها لصالح الشعب وفى 10 فبراير 1953 صدر دستور مؤقت حدد فيه حقوق الشعب وصلاحيات مجلس قيادة الثورة بشكل واضح ودقيق ومحدد، ثم انبثقت لجنة خماسية من لجنة الخمسين ضمت عبد الرازق باشا السنهورى ومكرم عبيد باشا وعبد الرحمن الرافعى والسيد صبرى وعثمان خليل عثمان وكان هدف هذه اللجنة بحث نظام الحكم فى مصر واستقر الرأى فى شهر يونيو على ضرورة أن تتحول مصر للنظام الجمهورى وعلى أثر تلك التوصيات سقطت الملكية وأعلنت الجمهورية فى 18 من يوينو 1953 ثم استمرت لجنة الخمسين فى العمل حتى تمت صياغة دستور 1954 والذى أعلنه جمال عبد الناصر فى عام 1956
وحول تغطيات الصحف تجاه الدستور فإنها لم تتخذها معركة لتصفية الحسابات فنجد البلاغ تكتب فى أحد أعدادها قائلة "ومنذ سنة 1923 إلى سنة 1952 مرت البلاد بتجارب كانت كلها تدور حول سلطان الأمة ومقدار احترام الحاكم له وإذا كان هذا الدستور قد سقط بعد ثورة يوليو فليس هذا لإن الأمة لم تستطع أن تدافع عنه وإنما لأن الأمة كانت تدافع عن نفسها فى ميادين أحدهما مغالبة الغريزة الديكتاتورية فى نفوس الحكام وأذناب الإنجليز والثانى محاربة الاستعمار الإنجليزى"
وفى موضع آخر كتبت تقول "دارت دورة التاريخ ولقد آن لهذا الشعب أن يكتب دستوره الذى يريده لا كما يريده المستعمرون ولا كما يريده المالكون.. نحن اليوم نكتب حرية أنفسنا وحرية أبناءنا وحرية الأجيال المقبلة من الأحفاد فلنصن الأمانة التى وضعها التاريخ فى أيدينا ولنكتب شيئا يقول عنه أحفادنا أنه من صنع الأحرار".
ثم نجد عبد الرحمن بدوى يكتب فى جريدة اللواء الجديد فى ديسمبر من عام 1952 مطالبا بوضع دستور جديد للبلاد تحت عنوان" نريد دستور الشعب .. لا تلفيق تجار السياسة" وقد طالب بضرورة أن تسارع البلاد بوضع دستور جديد قبل البدء فى اى إصلاح سياسى وكان ذلك بعد أن ازداد قلقه نتيجة مرور 5 أشهر على الثورة وهى تقريبا نفس المدة التى مرت على ثورة يناير دون تحرك إيجابى ولكن مع الفارق حيث يقول الدكتور عبد الرحمن بدوى" كم من أمور حيوية تأخر البت فيها على ضرورتها وأهميتها ووضع دستور جديد ودعوة جمعية شعبية تأسيسية كلن يجب ان يتم يوم 27 يوليو الماضى إذن لتغير كل شىء ولوفرنا على انفسنا متاعب تزداد كل يوم" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدونة المصريين

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...